منظمات دولية وصحافة فرنسية تتعامل مع المغرب بعقلية استعمارية

نشر موقع قناة “فرانس24” خبرا لوكالة الأنباء الفرنسية، لوقفة احتجاجية لثلة من الأشخاص محسوبين على منظمة “مراسلون بلا حدود”، قالت إنهم تظاهروا أمام السفارة المغربية بباريس للمطالبة بإطلاق سراح “الصحافي” والمؤرخ المعطي منجب، وهو المقال الذي تضمن عبارات أقرب للاستعمار، ويذكرنا بعهد “الحماية”.

ولأول مرة نسمع أن المعطي منجب صحافي، أيضا، علما أنه أستاذ جامعي، والقانون المنظم لمهنة الصحافة بالمغرب، يشترط على الصحافي المهني عدم امتهان مهنة أخرى.

ورعم أن المعطي منجب، المعتقل طبقا لحكم قضائي بعام واحد مع النفاذ، لإدانته “بالمس بالسلامة الداخلية للدولة والنصب”، ويتابع في قضية أخرى، لا علاقة لها، لا من قريب أو بعيد، بقضايا حرية التعبير ولا بحقوق الإنسان، تصر الصحافة الفرنسية أن تصفه بـ”الناشط الحقوقي”، كما تصر على التدخل السافر في القضاء، ونتساءل هل تتجرأ للتدخل في قرارات القضاء الفرنسي والتشكيك في مصداقيته؟

ورغم فشل منظمة “مراسلون بلا حدود” في التعبئة لإنجاح وقفتها الاحتجاجية أمام السفارة المغربية في باريس، أصرت وكالة الأنباء الفرنسية (أ ف ب)، و”فرانس 24″ على إيلاء أهمية لهذه الوقفة الفاشلة، ما جعل موقع القناة الفرنسية يقول إنه “تجمع رمزي”، وهو الذي ظل يتجاهل تجمعات احتجاجية ضخمة في فرنسا، والتي تدخل الأمن والقوات العمومية لتفريقها، وقمعها.

وما يثير الاستغراب خقا، هو أن موقع القناة الفرنسية كتب أن منظمة “مراسلون بلا حدود” طالبت، الجمعة بالإفراج “العاجل” عن الصحافي المنحل للصفة والمؤرخ الفرنسي المغربي المعطي منجب المسجون في المغرب منذ ثلاثة أشهر حيث بدأ إضرابا عن الطعام منذ 4 مارس، وهنا يطرح التساؤل كيف تتجرأ بالمطالبة بإطلاق سراح متهم في قضية بت فيها القضاء وبشكل عاجل، وهل كانت لتتجرأ للمطالبة بإطلاق متهم فرنسي؟

وعلى عكس الصورة المتداولة، تصر وكالة الأنباء الفرنسية، ومن خلالها موقع قناة “فرانس24″، على تضخيم الوقفة بالقول إن “عشرات الأشخاص” تجمعوا، ظهر الجمعة، في باريس ورفعوا 16 لافتة في “اليوم السادس عشر للإضراب عن الطعام” الذي بدأه الناشط الفرنسي المغربي للتنديد بـ”اعتقاله” نهاية العام 2020، وهي التي وصفت الوقفة نفسها بـ”الرمزية”، علما أن العشرات تعني أكثر من مائة شخص، فيما تجاهلت الوكالة الأخذ بعين الاعتبار رأي مصدر رسمي سبق أن نفى دخول المعطي منجب في إضراب عن الطعام يوم 4 مارس، وأنه كان يتناول وجباته بشكل عادي، ولم يدخل في الإضراب إلا يوم تاسع مارس، وهو ما أكدته مندوبيية السجون في اليوم نفسه، في بلاغ رسمي، هذا التجاهل يوضح بالملموس انحياز الصحافة الفرنسية، ونشر أخبار زائفة، ولا مهنية، بأهداف يعرفها الجميع.

وبعيدا عن تصريحات الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود”، كريستوف ديلوار، والتي عادة ما تصب العداء للمغرب، وتنشر الافتراءات، والتي مازالت السلطات الحكومية تنتطر ردها بخصوص اتهامات بالتجسس على هاتف الصحافي عمر الراضي، حيث رفض المغرب ادّعاءات تقرير “منظمة العفو الدولية”، مطالبا إياها “بموافاتها في أقرب الآجال بالأدلة المادية المفترضة”، لكن طال الانتظار دون رد، بعيدا عن ذلك، لأن هذه المنظمت سقطت في اختبار النزاهة والموضوعية، ظهرت تقاريرها مجرد افتراءات وعداء ضد المغرب، هناك تصريح خطير لزوجة المعطي منجب، كريستيان داردي منجب،التي قالت “لا أفهم صمت السلطات الفرنسية”؟

بل الأكثر من هذا أن هذه الصحافة الفرنسية تقول أن منجب، وهو مواطن فرنسي، ونركز هنا على مواطن فرنسي، قدم شكوى الأسبوع الماضي في باريس لـ”احتجازه التعسفي”، فإذا كان هذا المعطي فرنسيا فما دخله في الشؤون المغربية، وعليه أن يختار بين الاثنين إما مغربي أو فرنسي، لأن زمن الحماية ولى، وما لا يمكن أن نستوعبه هو أن يتجنس مغربي مقيم في المغرب بجنسية بلد آخر، وعن أي غيرة يتحدث وعن أي وطنية يتكلم، فإذا كانت الظروف والشروط بالنسبة للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج تفرض التجنس لأسباب عدة، فما هي أسباب المعطي الفرنسي؟

وما يثير الاستغراب، أيضا، أن الأمر لم يقتصر على الصحافة والمنظمات، بل وصل إلى وزارة الخارجية الفرنسية، التي قالت، حسب المصدر ذاته، إنها تراقب وضع منجب “باهتمام كبير”. وقال المتحدث باسم الخارجية إن هناك اتصالا مع أسرته “ونحن مستعدون، إذا رغب منجب بذلك، لتقديم حماية قنصلية له”، هل هناك تدخل في شؤون بلد مستقل أكثر من هذا، وعن أي حماية يتحدث عنها هذا “المسؤول” هل ما زال يحن لزمن الاستعمار، الذي كانت إرهاصاته الأولى “الحماية” التي كان يخظى بها بعض المغاربة اللاوطنيين.

يذكر أن المعطي منجب معتقل في سجن العرجات بسلا، وكان قد أوقف في 29 دجنبر، في إطار تحقيق بتهمة “غسل أموال”، وفي 27 يناير، حكم عليه، أيضا، بالسجن لمدة عام بتهمة “الاحتيال” و”تعريض أمن الدولة للخطر” في قضية تتعلق باتهامات بالاختلاس في إدارة مركز ابن رشد للبحوث، وهي القضة نفسها التي قضت فيها المحكمة، أيضا، بالسجن النافذ عاما واحدا في حق كل من هشام المنصوري وعبد الصمد آيت عيشة، العضوين السابقين بجمعية صحافة التحقيق، وهشام خريبشي عضو جمعية الحقوق الرقمية، والسجن غير النافذ لمدة 3 أشهر في حق محمد الصبر، وغرامة بحوالي 5 آلاف درهم في حق الصحافية مارية مكريم، ورشيد طارق.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة