الولايات المتحدة.. الحزب الجمهوري أكثر انقساما من أي وقت مضى

أكد المأزق الذي شهدته عملية انتخاب رئيس مجلس النواب الأمريكي، والتي تطلبت 15 جولة من التصويت في ظرف خمسة أيام حتى يتمكن الجمهوري كيفن مكارثي من الظفر برئاسة الغرفة السفلى في الكونغرس، واقعا يتضح بجلاء، وبشكل متزايد: الحزب الجمهوري أكثر انقساما من أي وقت مضى.

الأمر بدأ بإعلان هزيمة دونالد ترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ثم طعن قاطن البيت الأبيض السابق في النتائج، مما دفع فصيلا متطرفا في صفوف مؤيديه إلى شن هجوم على مبنى الكابيتول، في حادث جد نادر في تاريخ الديمقراطية الأمريكية.

لم يشاطر جميع قادة الحزب الجمهوري موقف ترامب. إذ نأى الكثيرون بأنفسهم عن الرئيس السابق، ولم تساعد صور اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021 على تحسن الأمور.

خلال انتخابات التجديد النصفي الأخيرة، في نونبر 2022، لم تحدث الموجة الحمراء التي أعلنتها استطلاعات الرأي ووسائل الإعلام. فالبرغم من معدلات التأييد المنخفضة لعمل الرئيس جو بايدن والتضخم البالغ أعلى مستوياته في أربعة عقود، تمكن الديموقراطيون من الحفاظ على أغلبيتهم في مجلس الشيوخ، فيما آل مجلس النواب بالكونغرس للجمهوريين.

وعقب إعلان نتائج هذا الاقتراع، واجه ترامب هجمات علنية لم يألفها، من قبل أعضاء مؤثرين في الحزب الجمهوري.

كان ي نظر إلى ترامب على أنه مسؤول، إلى حد كبير، عن الخسارة المخيبة للآمال للجمهوريين في هذه الانتخابات، إذ تعرض عدد من المرشحين الذين أيدهم للهزيمة، بما في ذلك المرشحون لمنصب الحاكم ومجلس الشيوخ عن ولاية بنسلفانيا، وحكام ميشيغان ونيويورك وويسكونسن.

لم يتردد كل من ديفيد أوربان، مستشار ترامب منذ فترة طويلة، وعضو الكونغرس السابق، بيتر كينغ، وهو جمهوري من لونغ آيلاند يدعم الرئيس السابق منذ فترة طويلة، في إدانته علنا.

وقال كينغ “أعتقد بقوة أنه يجب ألا يكون بعد الآن وجه الحزب الجمهوري”.

ويبدو ترامب، في الواقع، معرضا للخطر بشكل متزايد، وذلك منذ الهجوم على مبنى الكابيتول.

ومع ذلك، أعلن الملياردير قراره الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2024. وهو الترشيح الذي لم ينجح، لحد الآن، في حشد دعم الجمهوريين الكامل.

والأدهى من ذلك، أن العديد من قادة الحزب الجمهوري يفضلون رون ديسانتيس، حاكم فلوريدا. إذ تظهر أحدث استطلاعات الرأي تقدما كبيرا لديسانتيس في الانتخابات التمهيدية الجمهورية المحتملة ضد ترامب.

وشكلت عملية التصويت لانتخاب رئيس تالغرفة السفلى في الكونغرس، مثالا آخر أكد واقع انقسام الحزب، إذ تمرد حوالي 20 عضوا من الحزب الجمهوري على مرشح الحزب، كيفن مكارثي، في مأزق اتسم بأطول عرقلة في تاريخ الكونغرس، وذلك منذ 164 عاما.

ورغم خروج ترامب مؤخرا، لدعوة الجمهوريين إلى دعم ترشيح مكارثي، إلا أن المأزق استمر طيلة خمسة أيام واستغرق 15 جولة من التصويت، قبل أن يتم الحسم أخيرا في انتخاب مكارثي رئيسا لمجلس النواب.

ومع أنهم يشكلون الأغلبية في مجلس النواب، إلا أن الجمهوريين يبدون أكثر انقساما من أي وقت مضى. إذ تلقت صورة الحزب ضربة في عيون الأمريكيين، بل والعالم كله.

هذه الانقسامات في صفوف الجمهوريين تعد بمثابة هبة من السماء للديمقراطيين، الذين يتطلعون إلى الفوز بالانتخابات الرئاسية، مجددا، في 2024.

فحزب بايدن يبدو موحدا وأفضل تنظيما بكثير من غريمه الجمهوري، تعززه في ذلك الانتصارات التشريعية التي حققها بايدن، بما في ذلك تمرير قانون المناخ والرعاية الصحية والضرائب، فضلا عن قرار الرئيس إلغاء جزء من قروض الطلاب لملايين الأمريكيين.

وفي انتظار انعكاس محتمل للوضع وإعادة تنظيم صفوف الجمهوريين، يبدو أن البيت الأبيض يبتعد عن قبضة الحزب الجمهوري في الوقت الراهن، على بعد أقل من سنتين من الانتخابات الرئاسية، بالرغم من أن الوضع في السياسة يمكن دائما أن يتطور، تبعا للمنعطفات.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة