أفق جديد للدراسات والأبحاث حول العمل البرلماني

يبدو أن الجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث حول العمل البرلماني، وإن كانتقد بلغت دورتها الثالثة هذه السنة، وفتحت بذلك أفقا جديدا، فإنها تستلزم العمل على إحاطة الفعل البرلماني بالمعرفة العلمية والأكاديمية الرصينة، من أجل تجويد أساليب وإجراءات الممارسة البرلمانية بالشكل الذي تصبح معه المعرفة مواكبة لهذا للعمل البرلماني، كما جاء في كلمة ألقاها رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، الجمعة، خلال حفل تسليم الجائزة التي نظمهاالمجلس.

وإذا كان تحقيق نجاعة العمل البرلماني كأحد القواعد الدستورية (الفصل 69 من الدستور)، فإن مبادرة مجلس النواب احداث “المركز البرلماني للأبحاث والدراسات”، كبنية إدارية مهمتها مواكبة المجلس ودعم جميع مكوناته، من شأنها أن تساهم في انفتاح المؤسسة البرلمانية على محيط البحث العلمي خاصة الجامعة من أجل عقلنة الممارسة التشريعية، وتطوير الأداء البرلماني، تكريسا لانفتاح المجلس على المحيط العلمي والأكاديمي.

التكامل بين السياسي والأكاديمي

وفي هذا الصدد لفت الطالبي العلمي الانتباه الى عدد من المبادرات التي اتخذها مجلس النواب منها تشجيع الأبحاث والدراسات التي تعنى بالعمل البرلماني، والتشجيع أيضا على خلق مسالك للتكوين ومختبرات للبحثفي هذا الحقل العلمي الذي أصبح يعرف تطورا كبيرا فضلا عن حرص المجلس على إشراك أساتذة باحثين وخبراء في العديد من الأنشطة العلمية التي ينظمها المجلس،لتحقيق التكامل بين الفاعل والمسؤول السياسي من جهة، والباحث العلمي والأكاديمي المتخصص من جهة ثانية، لجعل التشريعات والسياسات أكثر استجابة للحاجيات المعبر عنها من قبل المواطنين.

تشجيع البحث في العمل البرلماني

تهدف الجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث حول العمل البرلماني، التي تمنح طبقا لمقتضيات المادة 350 من النظام الداخلي لمجلس النواب، إلى تشجيع الأبحاث العلمية المتميزة المتعلقة بالعمل البرلماني، سواء كانت عبارة عن أطروحة لنيل الدكتوراه تمت مناقشتها، أو عبارة عن كتاب منشور.

وفاز الفاعل الحقوقي والجمعوي عبد الرزاق الحنوشيالاطار بمجلس النواب، بالجائزة التقديرية الخاصة بالمؤلفات المنشورة، عن كتابه ” البرلمان وحقوق الإنسان.. مرجعيات وممارسات”.

البرلمان وحقوق الإنسان

ولاحظ الحنوشي في كلمة بالمناسبة، إن ارتفاع منسوب الاهتمام بموضوع هذا الكتاب يبين الحاجة الماسة إلى تكثيف الجهود وتوجيه البحث إلى العديد من الجوانب الهامة وغير المعروفة بالقدر الكافي في عمل المؤسسة البرلمانية، من خلال السعي من جانبهالمساهمة في التعريف بأدوار ومسؤوليات البرلمان في مجال حقوق الإنسان. وأشار في هذا السياق بأن إصداره الجديد جرى تقديمه ومناقشته في 36 لقاء بمختلف المدن المغربية، وكذلك بالأرجنتين وفرنسا وبلجيكا، كما حظي أيضا ب 163 مقالة تحليلية وقصاصة خبرية وتغطية صحفية خلال الفترة الممتدة من مارس 2022 إلى منتصف يوليوز 2023.

وأوضح أنه حاول أن يكون بيداغوجيا، وأن ييسر فهم واستيعاب أهم الأطر المرجعية والمعيارية التي تنتظم فيها علاقة البرلمان بحقوق الإنسان، كما حرص ألا يحصر موضوع بحثه في الجوانب المرجعية والنظرية والمجردة، على أهميتها، ولكن حرص أيضا أن يقدم منجز البرلمان المغربي بمجلسيه في هذا المجال، وذلك بالتركيز على حصيلة الولاية التشريعية المنصرمة.

أهمية الحياة البرلمانية

علاوة على تعميم الفائدة، أبرز أن الهدف الأساسي من بحثه، يتمثل في المساهمة في الترافع عن أهمية وجدوى وضرورة الحياة البرلمانية، على الرغم من كل الملاحظات النقدية البناءة والهدامة والصحيحة والباطلة التي تثار بين الفينة والأخرى هنا وهناك، وبروز بعض الأطروحات التي تنعي الديمقراطية التمثيلية وتصرح بأنها في حالة احتضار أو موت اكلينيكي “سريري”.

وبعدما عبر عن اقتناعه بأن الديمقراطية البرلمانية هي النظام الذي يمكن من تصحيح الأعطاب بما في ذلك أعطىابه ونواقصه الذاتية، لأنه نظام قابل للتجديد والتطوير والمراجعة بشكل دائم ومستمر، اعتبر الحنوشي، بأن إمكانيات تحسين وتطوير وتجويد الأداء البرلماني عموما، وفي
مجال حقوق الإنسان تحديدا لا زالت مفتوحة ومتنوعة.

إعمال الاجتهاد

وتبعا لذلك، قال أنه سعي في كتابه ألا يقف عند الوصف والتحليل والنقد، بل سعي أيضا إلى تقديم بعض المقترحات التي قد تساهم في هذا الجهد المطلوب للتطوير، ولعل أهمها مأسسة تكفل البرلمان بحقوق الإنسان وضمان النجاعة والديمومة والإعمال المستمر للاجتهاد في هذا المجال، وهذا الأمر في نظري أمر مقدور عليه بحكم التراكمات والممارسات الفضلى التي تسجل لمجلسي البرلمان المغربي.

وأكد أن هذه الجائزة ليست مجرد مكافئة لشخصي المتواضع، بقدر ما هي بالأساس، تتويج وتحفيز لجهود كل الكفاءات المجتهدة والمثابرة التي تزخر بها المؤسسة البرلمانية، معربا الأمل في أن يتواصل ويتعزز البحث المواكب للعمل البرلماني للمساهمة في الرقي المستمر بأدائنا وتحصين وتوطيد مكتسباتنا. ورغبة في توسيع دائرة القراء المفترضين، عمل المؤلف على ترجمةكتابه إلى اللغات الإنجليزية والإسبانية والفرنسية.

وأعلن رئيس مجلس النواب، أنه سيتم ابتداء من هذه الدورة، ترجمة الأعمال الفائزة بالجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث حول العمل البرلماني، باللغات الأجنبية، وذلك تعميما للفائدة داخل وخارج المغرب.

أما الجائزة التقديرية للجائزة الوطنية للدراسات والأبحاث،الخاصة بأطروحات الدكتوراه،فمنحت لفاطمة الزهراء أعرج، عن بحثها بعنوان ” جودة النصوص القانونية.. التشخيص والتحديات”. أما الجائزة التشجيعية الخاصة بأطروحات الدكتوراه فمنحت للطفي علاي عن دراسته “ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.. المداخل القانونية لتدبير النزاع بين الكونية والخصوصية”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة