الصديقي: 2023 سنة التضامن بامتياز

سلط الخبير الاقتصادي والوزير السابق عبدالسلام الصديقي، الضوء على أهم الأحداث التي شهدتها المملكة المغربية خلال السنة الجارية، والتي تتأهب لتوديعنا بعد ثلاثة أيام، مؤكدا أن 2023 سنة التضامن بامتياز.

وقال الصديقي في مقال توصل موقع “إحاطة.ما” بنسخة منه، أن العالم يستعد لتوديع سنة 2023 في غضون الأيام القليلة المقبلة، والاحتفال بقدوم السنة الجديدة 2024. مضيفا أنه “وفي مثل هذه المناسبة، نتبادل المتمنيات بالتأكيد، ولكننا نقيِّم أيضًا السنة الماضية من خلال إلقاء نظرة على كل ما تم القيام به وكيفية إنجازه، وتحديد أوجه القصور بهدف التغلب عليها في المستقبل، وتسليط الضوء على الإنجازات لتعزيزها بشكل أفضل في وقت لاحق. وهذا النهج صالح على مستوى الدولة والمقاولات والأفراد. إذ أن التقييم والتقييم الذاتي ضروريان للغاية، ويجب أن يوجها عملنا بدلا من المضي قدما بشكل أعمى ونجد أنفسنا في مأزق لا يمكننا الخروج منه”.

وتابع الصديقي: “يهدف هذا المقال إلى التذكير بأهم الأحداث التي شهدها المغرب خلال هذه السنة، وهي العملية التي سنقوم بها للضرورة بشكل انتقائي. لذا، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان هو الزلزال القاتل والمدمر الذي ضرب منطقة الحوز والأطلس الكبير ليلة 8 إلى 9 شتنبر الماضي. حيث تسبب هذا الزلزال في مقتل ما يقرب من 3000 شخص، وإصابة أكثر من 6000 آخرين، وتدمير كلي أو جزئي لآلاف المنازل، وخسائر فادحة في الممتلكات”.

وأمام هذه الكارثة، أكد الصديقي، أن رد فعل المغرب بكل مكوناته، لم يتأخر. “وفي طليعتها ملك البلاد. منذ الساعات الأولى، تم إطلاق عمليات إغاثة المتضررين لإنقاذ الأرواح البشرية، ثم بعد ذلك، تمت الاستجابة للاحتياجات الأكثر إلحاحًا من خلال تقديم المساعدة للناجين. كل ذلك في موجة منقطعة النظير من التضامن والتعبئة الشعبية. وقد تمكنت بلادنا من تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لتنفيذ مخطط إعادة إعمار هذه المناطق بقيمة 120 مليار درهم، واستخلاص الدروس لتنمية المناطق الجبلية التي تعاني من مستوى عال من الهشاشة، وظروف معيشية قاسية للغاية. وهو جزء من تاريخنا يجب أن يدون في قصة مكتوبة ويدرس للأجيال القادمة حتى يوقد شعلة الوطنية في نفوسهم”.

وفي نفس السياق المتعلق بموضوع التضامن، واصل الصديقي القول: “تجدر الإشارة إلى إطلاق المساعدة الاجتماعية المباشرة التي ستصبح واقعا ملموسا اعتبارا من نهاية هذه السنة. ويندرج هذا الإجراء، الذي يتطلب مبالغ كبيرة (ما بين 25 و29 مليار درهم) في إطار المشروع الضخم لتعميم الحماية الاجتماعية، الذي يتوخى مكافحة الفقر المدقع وتمكين الأطفال من مواصلة تمدرسهم. وبطبيعة الحال، يجب بذل كل ما في وسعنا لضمان تمكين هؤلاء السكان في المستقبل من خلال ضمان وظائف لائقة لهم في الأنشطة التي تخلق الثروة وتصون الكرامة الإنسانية”.

وعلى مستوى التشغيل بالتحديد، أضاف الصديقي: “تتواصل الصعوبات، ويمكن اعتبار سنة 2023 هي الأسوأ خلال العقدين الماضيين. فالتناقض صارخ بين النمو الاقتصادي المقدر بـ2.7% سنة 2023 مقابل 1.3% سنة 2022، وتفاقم البطالة التي يرتفع معدلها على التوالي من 11.4% إلى 13.5% (17% في الوسط الحضري)! مما يجعل البطالة تشكل نقطة ضعف حقيقية للسياسات العمومية. لأن تفاقم البطالة يعني المزيد من الفقر والهشاشة وضعف الاستقرار الاجتماعي”.

وزاد صاحب المقال: “ومع ذلك، يجب ألا تتحمل الدولة والاستثمار العمومي وحدهما هذا الجهد الذي لا يؤدي بطبيعته إلى خلق فرص الشغل بوفرة. والأمر متروك للقطاع الخاص لإظهار المزيد من الوطنية وروح المبادرة بدلاً من الاكتفاء بالاستحواذ على المساعدات والإعانات العمومية من أجل “الاستثمار” في نهاية المطاف في الأنشطة المضارباتية والريعية”.

وفي هذا الصدد، اعتبر الصديقي أن 2023 سنة بيضاء على صعيد الإصلاحات الهيكلية ومكافحة الاقتصاد الريعي وضعف الحكامة. “ونرجو أن تشكل القضايا المعروضة حاليا على أنظار العدالة في قضية ما بات يسمى بـ“إسكوبار الصحراء” مدخلا لمخطط كبير لتخليق الحياة السياسية والاقتصادية لوضع حد نهائي لتضارب المصالح واختلاس الأموال العمومية”.

وشدد الصديقي: “إن بلادنا، التي تهدف إلى أن تصبح قوة إقليمية، وتطالب بشكل مشروع بمقعد دائم في مجلس الأمن نيابة عن إفريقيا، لديها كل المصلحة في المثابرة في هذا الاتجاه الذي سيكسبها مزيدا من المصداقية والسمعة الطيبة”.

وفي هذا الإطار، أكد الصديقي، أنه ينبغي قراءة لقاء القمة بين صاحب الملك محمد السادس، وأمير دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يوم 4 دجنبر الجاري. “إذ يعد الإعلان الذي وقعه رئيسا الدولتين بشأن إقامة “شراكة مبتكرة ومتجددة ومتجذرة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة” نصا غير مسبوق”.

وحسب الصديقي، تعكس هذه الشراكة التي تتعلق بسلسلة من المشاريع الكبرى التي سيتم تنفيذها ضمن آجال محددة وبترتيبات مالية محددة بدقة، “مستوى نضج العلاقات بين البلدين ومستوى الثقة بين الزعيمين”.

وضمن الشراكة المغربية الإماراتية، أكد الصديقي أنها (الشراكة) تشكل مثالا ينبغي أن يحتذي به شركاء المغرب الآخرون الذين يرغبون في بناء عالم ينعم بالسلام والرخاء المشترك. “والقطع مع الرؤية النيواستعمارية التي لا تؤدي إلا إلى إدامة التبادل غير المتكافئ”.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة