الناخبون المسنون في ألمانيا مصدر قلق لجيل الشباب

يمثل الناخبون المسنون الشريحة الاكبر في الانتخابات التشريعية الالمانية المرتقبة الاسبوع المقبل ما اثار نقاشا واسعا في البلاد حول الاختيار بين توفير الاموال للمتقاعدين او الاستثمار في جيل الشباب مع سعي السياسيين لاستمالة الناخبين.

وتثير هذه المسألة مخاوف من أن يكون المرشحون وفي اطار حملتهم للحصول على أصوات هذه الشريحة، لا يركزون على المستقبل بشكل كاف.

وفي المناظرة التلفزيونية الوحيدة للمرشحين أبدت المستشارة انغيلا ميركل ومنافسها الرئيسي مارتن شولتز حماسة وحرصا على التأكيد ان رفع سن التقاعد الى 70 عاما غير وارد.

لكن خلال المناظرة التي استمرت 90 دقيقة، بالكاد سمع كلام عن التعليم او الاقتصاد الرقمي، وكلاهما من الحلقات الضعيفة في المانيا حيث يتزايد أيضا عدد الأطفال الفقراء.

وقال المؤرخ فولفغانغ غروندينغر (33 عاما) والمتحدث باسم جمعية تدافع عن حقوق اجيال الشباب “التقدم في السن جيد جدا، لكن بالطبع سيكون هناك تبعات على الديموقراطية”.

وأضاف ان الحكومة ستجد دائما الموارد لتأمين رزمة تقاعد حتى ولو كانت تقلص الميزانية في أماكن أخرى.

وقال “هناك عدة ملفات سياسية لن يطرأ عليها تغيير. وكأننا نضع ألمانيا في إناء زجاجي للحفاظ عليها الى الابد فيما نبخل على المستقبل”.

ومع تزايد متوسط أعمار الالمان تتزايد احتمالات وضع سياسات مصممة خصيصا للمسنين الذين ترتفع اصواتهم ايضا.

وغالبية أصوات المسنين تذهب الى أكبر حزبين: الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة المستشارة انغيلا ميركل، والاشتراكي الديموقراطي بزعامة شولتز.

وسيتمكن الحزب الليبرالي من الحصول على شريحة من تلك الاصوات، بحسب دراسة حديثة للمعهد الالماني للابحاث الاقتصادية.

حذر الرئيس السابق رومان هرتوغ في 2008 من “ديموقراطية للمتقاعدين” يمكن ان يحكم عليها بالموت البطيء.

ونبه هرتزوغ الاحزاب السياسية من تبعات “اعطاء انتباه غير متكافئ” للمسنين الذين تتزايد أعدادهم، مضيفا “قد نصل الى وضع تكون فيه أجيال المسنين تنهب أجيال الشباب”.

واستعيد هذا النقاش عشية الانتخابات التي تجرى في 24 سبتمبر ويمثل فيها الالمان الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاما الشريحة الاكبر من الناخبين — 36,1 بالمئة — بحسب نقابة شركات التأمين الالمانية.

ويمثل الناخبون الذين تقل اعمارهم عن 40 عاما، أقل من الثلث (29,3 بالمئة) مما يعكس انخفاضا في عدد المواليد وارتفاع متوسط الاعمار، على حد سواء.

وقد تتزايد الفجوة بين الشريحتين مع تقدم أعمار الجيل المولود بعد الحرب العالمية الثانية وانضمامهم الى صفوف المتقاعدين.

وأظهرت دراسة لمكتب الاحصاءات الاوروبي يوروستات نشرت في نهاية غشت أن المانيا استثمرت فقط 4,2 بالمئة من اجمالي الناتج المحلي في التعليم عام 2015، أدنى من المعدل الاوروبي البالغ 4,9 بالمئة.

وبالمقارنة فإن جارتها فرنسا التي تعاني من عجز في الانفاق، استثمرت 5,5 بالمئة في هذا القطاع.

قال اروين بيندر الذي انضم مؤخرا الى فئة المتقاعدين، انه ضاق ذرعا بنقاش يعتبر انه يحمل اللوم للاجيال الاكبر سنا.

وأوضح “دائما عندما تقع مشكلة نسأل من المسؤول؟ الاخر!”.

ويرأس بيندر الموظف الحكومي السابق، مجموعة من ممثلي المسنين في بلدية نيوكولن التي تدخل في نطاقها العديد من مناطق جنوب برلين، وحيث بات مشهد مسندات المشي، منظرا مألوفا اكثر من عربات الاطفال.

ويقول ان مخاوف المتقاعدين لا تختلف كثيرا عن مخاوف غيرهم.

ويضيف “المسنون طبعا لديهم مشكلات محددة ويريدون ان تصغي لهم الحكومة”.

ويستطرد “لكن السلامة في الشارع أو ارتفاع الايجارات مسائل تقلق ايضا الامهات العازبات او اللاجئين”.

لكن العديد من المتقاعدين يقولون ايضا ان تقليص الميزانية الذي يتربص بالمدارس — العديد منها بحاجة لعمليات تجديد المباني المتآكلة — او الاهالي الذين يبحثون عن حضانات لاطفالهم ربما تؤثر على أصواتهم ايضا.

وقال المهندس السابق فيرنر ايخهولز (73 عاما) “المهم بالنسبة لاحفادنا هو بنفس الاهمية بالنسبة لنا”.

ويقولون انه عوضا عن وضع مصالح المسنين في مواجهة الناخبين الشبان، يتعين على السياسيين ضمان الترابط الاجتماعي من خلال معاملة الاجيال بالتساوي.

ويمكن ان يكون أحد الحلول تخفيض سن الاقتراع مما يسمح لمن هم دون 18 عاما أن يكون لهم صوتا “اذا كانوا جاهزين” بحسب غرونيدر.

ولكن ردا على سؤال حول تخفيض سن الاقتراع الى 16 عاما، كان جواب المستشارة التي تبدو قريبة من ولايتها الرابعة الرفض.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة