تونس 2023.. سنة على وقع الاعتقالات السياسية في صفوف المعارضة

و.م.ع

تطوي تونس العام 2023 على وقع أحداث سياسية عاصفة تميزت بمواجهات بين السلطات والطبقة السياسية، لاسيما المعارضة منها، وذلك على خلفية موجة، غير مسبوقة، من الاعتقالات التي عرفتها البلاد في صفوف المعارضين.

وقد تم خلال 2023 توقيف عشرات الشخصيات السياسية التي سبق أن تحملت مسؤوليات حكومية وبرلمانية وحزبية وعلى رأس منظمات غيرحكومية.

يأتي ذلك فيما تواصل السلطات التحقيق مع عدد من القادة السياسيين المعتقلين، من المعارضين تحديدا، في قضايا مختلفة بتهم “التآمر على أمن الدولة الداخلي” التي تصل عقوبتها الى الإعدام.

وشملت الحملة رئيس حركة (النهضة) المعارضة، ذات التوجه الإسلامي، راشد الغنوشي (81 عاما).

كما عرفت البلاد حربا إعلامية شنتها هيئة الدفاع عن المعتقلين للتحذير من التجاوزات والخروقات التي شابتالإجراءات وسوء معاملة المعتقلين.

وكانت آخر المحاكمات في 2023، (13 دجنبر) بالحكم بسجن المعارضة التونسية، شيماء عيسى، لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، وذلك ”بتهمة تحريض العسكريين على العصيان وإهانة الرئيس”.

وموازاة مع ذلك، اعتبر المتابعون للشأن السياسي وبعض المحللين السياسيين أن عام 2023 هو عام الاعتقالات السياسية ”’بامتياز”.

وأبرز كمال بن يونس، إعلامي وأكاديمي خبير في الدراسات الاستراتيجية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنهذه الاعتقالات التي انطلقت في فبراير 2023، وتواصل مداها الى غاية دجنبر تسبب في تغيير كبير في المشهدين السياسي والإعلامي بالبلاد.

وأوضح أن ذلك ”أدى إلى تهميش الاحزاب الكبرى في البلاد لاسيما حزب (النهضة) الإسلامي بزعامة راشد الغنوشي، وعلي العريض ونور الدين البحيري والحزب الدستوري بزعامة عبير موسي، وحزب النداء السابق، بزعامة الوزير السابق رضا بالحاج، والحزب الجمهوري بزعامة عصام الشابي وحزب التيار بزعامة غازي الشواشي”.

وشدد بن يونس على أن الاعتقالات والتحقيقات القضائية “داخل بعض النقابات، كذلك، والتي أثارت موجة من الانتقادات على المستوى الدولي، تسببت بدورها في إضعاف اتحاد نقابات العمال والحد من دورها السياسي والنقابي وتهميش رموزها التي كانت تتصدر المشهدين السياسي والإعلامي في البلاد خلال العقد الماضي”.

ولاحظ أن هذه الاعتقالات ”تطورت من توقيف لشخصيات سياسية مهمة لتشمل اعتقالات، بالجملة، ومحاكمات سياسية ماراثونية”.

وفي المقابل ، يرى أن ”هناك هدوء حذر من قبل السلطات التونسية في التعامل مع ملفات القيادات السياسية مما يوحي بوجود ارادة سياسية من قبل الدولة والنيابة العمومية ب”عدم التسرع في البت”، مشيرا إلى وجود حرص على عدم غلق باب الحوار السياسي مع المعارضين وقياداتهم حول “قوانين جديدة للعبة السياسية”.

وأشار إلى أن السلطات التونسية فسرت هذه الاعتقالات ”بوجود شبهات حول احتمال تورط عدد من أبرز الموقوفين في قضايا تآمر على أمن الدولة” وفي “قضايا حق عام” من بينها “هضم حق موظف عمومي” و ” قضايا مخالفاتمالية وإدارية” و “عدم احترام الإجراءات القانونية”.

وأضاف أن “أغلب القيادات من المعارضة والنقابات ومنظمات المجتمع المدني رفضت” كل هذا .

وقال في هذا الخصوص إن ”اغلب الموقوفين السياسيين أوقفوا بسبب إعلان مشاركتهم في تحركات سلمية معارضةل”مسار 25 يوليوز 2021 ” والقرارات التي صدرت بعده وخاصة حل البرلمان وبعض المؤسسات المنتخبة مثل المجلس الأعلى للقضاء والمجالس البلدية وغيرها”.

وخلص ”قد تكون من بين شروط هذا الحوار انسحاب بعض كبار السياسيين من المشهد مقابل السماح لأحزابهم بالعودة للعمل السياسي القانوني.”

وشهدت تونس سلسلة من الاعتقالات طالت سياسيين وشخصيات معارضة ونشطاء من المجتمع المدني ومسؤولين إعلاميين ونقابيين.

كما عرفت شوراع العاصمة التونسية، نتيجة لذلك، مظاهرات أسبوعية خاضها قياديو (جبهة الخلاص الوطني) المعارضة و(النهضة) للمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين بدأ بعضهم إضرابا عن الطعام رغم منع الاجتماعات والتضييق عليهم من قبل السلطات.

وتعالت الأصوات الداخلية والخارجية من قبل منظمات مدنية وحقوقية من تواتر الاعتقالات بتونس، معلنة تحديها لسيف هذه الاعتقالات السياسية.

ورغم ذلك، فان السلطات التونسية لم ترجع قيد أنملة عن موقفها، إذ توعد الرئيس التونسي، قيس سعيد، بمواصلة اعتقال كل من “تآمر على أمن الدولة”، مؤكدا في جل خطاباته أنه لن يتراجع أبدا للوراء.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة