خدمة نقل المرضى داخل المستشفيات أو حينما تصبح مهنة “برونكارداج” ضرورة ملحة في المنظومة الصحية

بعدما كانت مهمة نقل ومرافقة المرضى داخل المستشفيات العمومية والخاصة، عملا تطوعيا ببعد إنساني واجتماعي يقوم به ممرضون أو بالأحرى ممرضات تلقين تكوينات في الإسعافات الأولية، أضحت هذه المهنة أو ما بات يعرف في الآونة الأخيرة بعون نقل المرضى ” Brancardier” تفرض ذاتها وتسير نحو التقنين والتخصص.

وفي ظل تنزيل الورش الملكي المتعلق بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية، وأيضا بعد إدراجها كتخصص ضمن مواد التدريس بمشروع مدن المهن والكفاءات الذي انطلق العمل به مؤخرا، ببعض الجهات وسيشمل باقي جهات المملكة، أصبحت مهنة عون نقل المرضى حلقة وصل مهمة داخل مختلف المصالح بالمستشفيات العمومية والخاصة وأيضا دور الولادة، باعتبارها مهنة حيوية وذات بعد إنساني تتطلب من صاحبها التحلي بصفات روح المبادرة والإنسانية والصبر والمهنية، وكذا الانضباط وحسن التواصل مع مختلف الحالات المرضية.

وبرزت هذه التجربة ، مؤخرا، بمستشفى الحسن الثاني بطانطان الذي يوجد من بين أطقمه 15 شابا بينهم أربع شابات ، شرعوا منذ يوليوز الماضي، ولمدة ستة أشهر، في تقديم خدمة نقل ومرافقة المرضى بين مختلف المصالح الطبية داخل هذا المستشفى.

وجاءت هذه التجربة ثمرة شراكة بين الاتحاد الوطني للمسعفين المنقذين المغرب – الجنوب- ، المحدث سنة 2016 ، والمجلس الإقليمي لطانطان، وعمالة إقليم طانطان، في إطار تنزيل برنامج “أوراش” على صعيد الإقليم، في الشق المتعلق بدعم الموارد البشرية بجميع المؤسسات الصحية.

وتندرج هذه العملية في سياق تنفيذ اتفاقيات الشراكة القائمة بين المجلس الإقليمي لطانطان والتعاونيات وجمعيات المجتمع المدني بالإقليم المنتقاة في إطار برنامج “أوراش” الذي يستهدف الأشخاص الذين فقدوا عملهم أو يبحثون عن مناصب شغل ، ويروم إدماج الفئات المستهدفة في إطار عقود عمل مؤقتة ومحددة المدة.

واستفاد هؤلاء الشباب قبل الشروع في عملهم بالمستشفى الإقليمي ، من دورة تكوينية حول الإسعافات الأولية أشرف عليها أعضاء من الاتحاد الوطني للمسعفين المنقذين المغرب – الجنوب-، وأيضا طبيبة متخصصة في الطب الفيزيائي والتأهيل البدني.

ويتعين على عون نقل المرضى “Brancardier ” داخل المستشفى أن يكون على دراية بإجراءات الإسعافات الأولية وتقنيات النقل حسب وضعية المريض الصحية من مكان إلى آخر (أشعة، استشارة، غرفة العمليات..)، كما يضمن هذا العون نقل السجل الطبي والعينات الخاصة بالمريض بين الأقسام ومختبرات التحاليل .

وللوقوف على نوعية الخدمات والمجهودات التي يبذلها أعوان نقل المرضى داخل المستشفى الإقليمي بطانطان، انتقلت قناة (M24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، رفقة رئيس الاتحاد الوطني للمسعفين المنقذين المغرب- الجنوب – ، المختار الشيخ ، إلى قلب المستشفى لمعاينة مسارات عمل هذه الفئة.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ، في تصريح للقناة، أن مهنة عون نقل المرضى داخل المستشفيات تشكل حلقة وصل مهمة بين المصالح الاستشفائية بالمستشفيات العمومية والخاصة وأيضا دور الولادة، نظرا للدور الكبير الذي يقومون به ومن هنا ، يضيف السيد الشيخ، جاءت فكرة تنظيم دورة تكوينية نظرية وتطبيقية بمعايير دولية (أزيد من 60 ساعة نظرية) من أجل تكوين وإعداد عون نقل المرضى وذلك بشراكة مع المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة كلميم وادنون، والمندوبية الإقليمية للصحة والحماية الاجتماعية بطانطان.

وأشار الشيخ، وهو إطار بالمندوبية الإقليمية للصحة بطانطان، ومكون في مجال الإسعافات الأولية، إلى أنه بعد انتهاء مدة هذه الدورة التكوينية، تم توقيع اتفاقية شراكة مع المجلس الإقليمي لطانطان وعمالة الإقليم، وشركاء آخرين في إطار برنامج ” أوراش” في شقه المتعلق بدعم الموارد البشرية بجميع المؤسسات الصحية حيث تم إدماج 15 شابا بمستشفى الحسن الثاني تم انتقاؤهم من مجموع 30 شخصا استفادوا من هذه الدورة التكوينية وذلك في إطار عقد لمدة ستة أشهر بدأت منذ يوليوز الماضي.

وشدد على أهمية التكوين في هذا المجال لكون مهنة عون نقل المرضى تبقى حلقة ضرورية في السيرورة السليمة للمستشفيات العمومية والخاصة، مبرزا أن من شروط ممارسة هذه المهنة، التوفر على دبلوم من مستوى أول ومستوى ثاني في الإسعافات الأولية، وكذا حسن السلوك والانضباط وبنية جسمانية سليمة تؤهله لاجتياز دورة تكوينية قصد الحصول على دبلوم عون نقل المرضى يؤهله للإدماج في سوق الشغل.

وأعرب الشيخ عن أمله في تجديد عقد الشراكة مع مستشفى الحسن الثاني حتى يواصل هؤلاء الشباب تقديم خدماتهم لفائدة المرضى في أفق إدماجهم بهذا المستشفى بصفة دائمة في إطار شراكة سواء مع جمعيتنا أو شركة مناولة.

وبخصوص آفاق مهنة نقل عون المرضى ، أكد الشيخ أن جمعيته كان لها السبق على الصعيد الوطني في تنظيم دورة تكوينية في المجال، مضيفا أن هذه المهنة لها آفاق واعدة وأن المغرب يسير في اتجاه تقنينها لاسيما في ظل ورش إصلاح المنظومة الصحية، كما تم إدراج هذا التخصص ضمن تخصصات مدن المهن والكفاءات، داعيا جميع المؤسسات الصحية التي تتوفر على أعوان نقل المرضى إلى ضرورة أن يتوفر هؤلاء على دبلومات لممارسة هذه المهنة وخاصة في الإسعافات الأولية.

من جهته، أبرز صالح لمزوكي، منسق أعوان نقل المرضى بمستشفى الحسن الثاني بطانطان، أن استفادتهم من دورة تكوينية في مجال الإسعافات الأولية مكنهم عبر برنامج “أوراش” من الانخراط في العمل بالمستشفى، معبرا عن سعادته بالاستفادة من هذه الدورة التكوينية كأول فوج على الصعيد الوطني يتلقى هذا التكوين من طرف الجمعية بشراكة مع المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية.

وأكد لمزوكي، وهو حاصل على الماستر في الدراسات الإسلامية، ودبلوم في الإسعافات الأولية، أن مهنة “برونكارداج” أصبحت ضرورة ملحة في المنظومة الصحية لاسيما مع انطلاق تدريسها ضمن مشروع مدن المهن والكفاءات ، مبرزا أن من مهام عون نقل المرضى نقل المريض سواء بطلب من الممرض الرئيس أو من الطبيب الرئيس بالمستشفى، ومرافقته من مصلحة إلى مصلحة أخرى مرفوقا بملفه الطبي وأجهز طبية (تحليل طبية، قنينة أوكسجين..).

وأشار إلى أن مهمته بالمستشفى تقتصر على الإشراف على هؤلاء الأعوان وتوزيعهم ضمن مجموعات حسب المصالح داخل المستشفى (مستعجلات، جراحة، إنعاش، طب عام، ولادة..)، مبرزا أن من صفات هذا العون روح الإنسانية والانضباط والسرعة في التنفيذ والانتباه والتقيد بالتعليمات الطبية ثم حسن التواصل بحكم أنه يتعامل مع حالات مرضية مختلفة.

من جانبه، أكد ماء العينين محمد تقي الله، رئيس مصلحة الموارد البشرية والمنازعات بمستشفى الحسن الثاني بطانطان، أنه في إطار الخصاص الذي كان مسجلا على مستوى نقل المرضى داخل المستشفى تم التنسيق مع المجلس الإقليمي لطانطان والاتحاد الوطني للمسعفين المنقذين المغرب -الجنوب-، قصد سد هذا الخصاص في هذا المجال وهو ما تم الاستجابة له في إطار برنامج “أوراش”.

وأشار إلى أن هذه المهنة كان لها وقع كبير داخل سيرورة العمل بمختلف المصالح داخل المستشفى، مبرزا الحاجة الملحة لهذه المهنة بجميع المراكز الاستشفائية كمهنة حيوية إنسانية محضة تقوم على تقديم المساعدة في إطار مهني وإنساني واجتماعي من أجل أن يشعر المريض بالراحة ولا يحس بأنه غريب داخل المستشفى.

وكان المجلس الإقليمي لطانطان قد صادق خلال دورة استثنائية عقدها في مارس من السنة الماضية، على اتفاقية لتنزيل برنامج “أوراش” على صعيد الإقليم وذلك بين وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، والمجلس الإقليمي.

وتهدف هذه الاتفاقية، التي تهم الإدماج الاقتصادي للشباب، في إطار تنفيذ برنامج أوراش عامة كبرى وصغرى مؤقتة، إلى إحداث 861 منصب شغل مباشر مؤقت خلال سنة 2022 على مستوى الإقليم.

وجدير بالذكر أن برنامج “أوراش” يروم إحداث 250 ألف فرصة عمل مباشر في غضون سنتي 2022 و 2023 من خلال أوراش عامة صغرى وكبرى مؤقتة بعموم عمالات وأقاليم المملكة، وذلك في إطار عقود تبرمها جمعيات المجتمع المدني، والتعاونيات، والمقاولات، عبر ترشيحات وعقود عمل، خاصة لفائدة الأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب جائحة كوفيد-19، والأشخاص الذين يجدون صعوبة في الولوج لفرص الشغل.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة